مقالات طوني الشيخ عن التكريم





شاركوا بتكريم شربل بعيني
لقد دعتني رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في منطقة السانت جورج لحضور حفل تكريم الشاعر شربل بعيني في العاشر من شباط 2001، عند الساعة السابعة مساء.
ولكي لا تفوتني الفرصة، وتؤخّرني تشعّبات الطرق من الوصول في الوقت المحدّد، ركبت سيّارتي وتوّجهت إلى منطقة "أرنكليف"، وأنا أراجع دليل الطرقات، إلى أن وصلت إلى "BARDENفوجدته يتفرّع من التي توصلنا إلى مطار سدني، مباشرة بعد صالة عرض منتوجات (شيريدن) للأقمشة وأغطية الأسرّة والملاحف وما شابه.
الطريق سهل للغاية.. فلا داعي، إذن، للضياع، الذي قد يؤخّر الإحتفال الشيّق المدروس، المحلّى بكوكتيل لذيذ في نهاية الأمسية.
سمعت أحدهم يقول، وهو يقرأ نص الدعوة المنشور في جريدة البيرق الغرّاء: لقد انتظرناهم من الشمال فجاءونا من الجنوب. كون الشاعر شربل بعيني من شمال لبنان، ورابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج من جنوبه. وهذا ما يدلّ على بعد تفكير المسؤولين عن هذه الجمعيّات، وأن النجاح اللبناني هو نجاحهم، وأن حدود وطنهم الصغير لا تستوعب طموحَهم، فراحوا يتلاحمون في الإغتراب، ليكوّنوا الوطن اللبناني الأكبر، الذي لا تغيب عنه شمس الحريّة والإنسانية والحياة الأجمل.
لقد دخلت رابطة الجمعيات اللبنانية في السانت جورج ـ أستراليا، مع المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ فرع أميركا الشماليّة، الذي يترأسه الأديب جوزيف حايك، في اتحاد لبناني مهجري راقٍ، غايته الأولى والأخيرة تكريم المبدعين من مغتربينا، أيّاً كانوا، ومن أيّ منطقة لبنانيّة جاءوا.. ليثبتوا للعالـم أن الوطن الذي أعطى جبران والصبّاح ودبغي، بإمكانه أن يعطي أكثر. وأن الحرب اللئيمة التي اجتاحته لـم تكن سوى زوبعة في فنجانه. فمحبّة واندفاع أبنائه من أجل الحق كفيلان بأن يبنيا وطناً أكثر اتحاداً، وأقوى ديموقراطيّة.
عظمة شربل بعيني لـم تكن في أدبه، ولا في رسالته التربويّة، بل كانت في إنسانيته وتواضعه ومحبّته واندفاعه من أجل مساعدة أصدقائه. فلقد ربطتني به صداقة طويلة، لـم تتمكن السنون، ولامزاجيّة الغربة، من التغلّب عليها. كانت صداقتنا واضحة لا دجل فيها. وشربل بعيني يكرّه الدجّالين والوصوليين، الذين لا هم عندهم، سوى استغلال صداقة الطيّبين من الناس، وتجييرها لمصالحهم.
هو هكذا، طفولي المزاج، مرح إلى أبعد حدود المرح، يتكلّم بصوت عالٍ كأنه الرعد، فإمّا أن تحبه كما خلقه اللـه، وإمّا أن تبتعد عنه، لأنه لن يبدّل سلوكه إكراماً لك، أو لغيرك. وصدّقني أنك ستحبّه، وستفتخر بصداقته، كما أفتخر أنا وأكثر.. شرط أن تعمل بنصيحتي.
العاشر من شهر شباط، هو يوم الجنوب، يوم الشمال، يوم لبنان الـ 10452 كلم2، يوم المجلس القاري، يوم شربل بعيني، ويومنا جميعاً.. لذلك أدعوكم للمشاركة بهذا الاحتفال التاريخي.. وأعدكم بأن كل ما سيحصل فيه سيكون رائعاً، إذ لا أحد مثل أبناء الجنوب اللبناني يعرف كيف يستقبل ضيوفه.. ولا أحد مثل أبناء الجالية في أستراليا يعرف كيف يكرّم مبدعيه. فتعالوا ، تعالوا.. ولسان حالكم يردد: المكان ضيّق ولكن القلوب واسعة.
في العاشر من شباط ولد شربل بعيني، وفي العاشر من شباط يكرّم شربل بعيني.. فهل من ذكاء يضاهي ذكاء أهل الجنوب؟!.. لقد اصطادوا عصفورين بحجر واحد.. وقالوا لنا: نحن لا نحفظ أشعار شربل بعيني فحسب، بل نعرف تاريخ ميلاده أيضاً.. ونعرف كيف نقول شكراً، ومتى نقول شكراً، للمبدعين من أبنائنا، ولا فرق عندنا بين شمالي وجنوبي، بين ابن ساحل وابن جبل، بين مسيحي ومسلم، فكلنا أبناء اللـه، وكلنا أبناء لبنان.. وكلنا، وهذا هو الأهم، أبناء غربة قسريّة فرضت علينا، فحوّلناها جنّة بمحبتنا.
يا رابطة الجمعيّات اللبنانية في السانت جورج.. شكراً
يا خطباء الاحتفال.. شكراً
ويا أيّها القادمون إلى "السانت جورج" لحضور الاحتفال ليلة السبت القادم.. شكراً وألف شكر.
وإلى اللقاء في العاشر من شباط في منطقة "أرنكليف
**
شربل بعيني يكرّم مرتين: بإمارته الأدبيّة وبعيد ميلاده الخمسين
إلتفاتة الجنوب اللبناني للأدب المهجري كانت رائعة. فلقد لبّى المئات من شخصيّات الجالية ومثقّفيها دعوة رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج لتكريم الشاعر شربل بعيني لنيله لقب (أميرالأدباء اللبنانيين في عالـم الإنتشار لعام 2000) من قبل المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميركا الشماليّة.
وكما كانت الأمطار تنهمر بغزارة، هكذا كان الناس يتوافدون إلى قاعة الرابطة في أرنكليف، غير عابئين برداءة الطقس، همّهم الأول والأخير المشاركة بتكريم من كرّم الحرف الإغترابي، وبذر المحبّة والإنسانيّة بين المغتربين.
حضر الإحتفال رئيسة معهد سيّدة لبنان الأخت إيرين بو غصن والأخت كونستانس الباشا، كما حضره قنصل بنغلادش الفخري السيّد طوني خوري والسيّدة عقيلته، ورئيس الجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في نيوساوث ويلز السيّد فؤاد جابر، ورئيس مجلس الجالية اللبنانيّة الدكتور مصطفى علم الدين، ورئيس بلديّة روكدايل المحامي شوكت مسلماني والعديد من الشعراء والأدباء والإعلاميين ورؤساء الجمعيّات وفعاليّات الجالية.
باختصار شديد، وباعتراف كل من حضره، كان تكريم الشاعر شربل بعيني أكثر من رائع، منحته فيه رابطة الجمعيّات اللبنانيّة لوحة تذكاريّة تخلّد الذكرى. كما منح أبناء مجدليا والدكتور عصام حداد رئيس معهد الأبجديّة في جبيل جائزة شربل بعيني لعام 2001، لكل من رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج، ولرئيس المجلس الإقليمي للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم الدكتور جوزيف حايك.
وفي ختام السهرة أطفأ الشاعر شربل بعيني شمعته الخمسين، وسط هتاف الناس وغنائهم له (سنة حلوة يا أمير)، كما قطع قالب كاتو كُتب عليه: (مبروك عيد ميلادك الخمسين أيها الأميرشربل). والجدير بالذكر أن رابطة الجمعيّات اللبنانية في السانت جورج قد خطّطت لتكريم شربل بعيني في يوم عيد ميلاده، فضربت عصفورين ذهبيين بحجر واحد.. وأقامت لذلك حفل كوكتيل عامر في نهاية السهرة.
عرّف الإحتفال الدكتور علي بزّي، فكان السيّد على المسرح، يعرف كيف يجمع حلقات الإحتفال ليكوّن منها وحدة أدبيّة رائعة. والجدير بالذكر أن الدكتور بزّي ألقى كلمتين مرسلتين من الدكتور جوزيف حايك من أميركا، والدكتور عصام حدّاد من لبنان. كما أنه تسلّم الجائزة نيابة عن الحايك.
أولى كلمات الإحتفال كانت للرئيس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافية في العالـم ـ قارة أميركا الشماليّة، الدكتور جوزيف حايك، جاء فيها:
حضرات رئيس وأعضاء رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج ـ أستراليا
أيّها الأخوة الكرام.. يا خير المواطنين.
إن حفل تكريم الشاعر شربل بعيني، أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الإنتشار، إن دلّ على شيء، فإنّما يدلّ على أنّكم خيرُ رسلٍ لموطن الأرز تحت سماء اللـه الواسعة، وبأن تكريمكم للأدباء إنّما يجسّد مقوّماتكم اللبنانيّة الشّامخة. إذ أنّ إكباركم وإجلالكم للأدب، هو المرآة التي تعكس حقيقة من أنتم، حيث لا يكرّم الأدب سوى الأدباء، وأصحاب المستويات الرفيعة والأخلاق والمكرمات.
لَكَم يؤسفني أنّ ظروفي في الوقت الحاضر لا تسمح لي بالسفر إلى ربوعكم، للمشاركة بتكريم أديب لبنان الأكبر، الأستاذ شربل بعيني، مؤكّداً لكم، أيّها الأخوة الكرام، أنّني في الساعة السابعة من مساءالسبت في 10 شباط، سأكون معكم بكل قلبي وشعوري وإحساسي. كيف لا، "وأميرنا" قد فاق وتفوّق بمواهبه على 41 مرشّحاً لإمارة الأدب من مختلف قارّات الدّنيا، وكلّهم من أسياد القلم والكلمة، ومن خيرة الأدباء اللبنانيين، ومن رسل أبجديّة أجدادنا الفينيقيين.
إنّ المجلس التنفيذي في القارّة الأميركيّة للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم، الذي لي شرف رئاسته، يلتقي معي اليوم، ليس فقط في تكريم أديبنا الأكبر الأستاذ شربل بعيني، بل وبتكريم كلٍّ منكم، لأنّكم بهذه البادرة الطيّبة، إنّما ترتفعون بلبناننا الغالي إلى أعالي السّموات.
لكم جميعاً، ولأميرنا الأكبر، الأستاذ شربل بعيني محبّتي وتقديري واحترامي.
وكانت الكلمة الثانيّة لرئيس الرابطة الأستاذ خليل حراجلي، الذي عدّد الأسباب التي حدت بهم لتكريم الشاعر بعيني، إلى أن قال: أحدٌ لـم يسمع شربل ينطق كفراً طائفيّاً في يوم من الأيّام. وأحدٌ لـم يجرؤ على تقويله ما لـم يقل مذهبيّاً، على العكس، بقي شربل بعيني النبيل صامداً في مواقفه الإنسانيّة الثابتة، ذلك على رغم سهولة الإنجراف في تلك الأيام المشؤومة في تيّار التعصّب والمذهبيّة، حين كان المتشدّد طائفيّاً يلقى تشجيعاً وشعبيّة من المرضى والمهووسين، ويوم كان بعض المغتربين يبالغون في السعي إلى جمع المال، كان شاعرنا المجيد يسعى إلى القصيدة والمقالة والخاطرة.
بعده اعتلى المنبر رئيس تحرير جريدة البيرق الأستاذ جوزاف خوري فقال:
بداية، أودّ أن أشكر رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت جورج، على دعوتهم لي للتكلّم في هذه المناسبة القيّمة، عن صديق عزيز شارك معنا في مسيرة الغربة الطويلة، عنيت به الشاعر شربل بعيني.
أيها الحفل الكريم
عندما وصلني إلى مكاتب البيرق نبأ فوز الشاعر شربل بعيني بلقب أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الانتشار لعام 2000، من قبل المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميرك االشماليّة، برئاسة الأستاذ جوزيف حايك، حبست أنفاسي وقلت في داخلي: الآن بدأت الجامعة الثقافيّة في أستراليا تشعر بأن هناك أدباء أكفّاء يجب أن يكرّموا.
قرأت الخبر مرّة ثانية، فوجدت أن التكريم قد جاء من شمالي أميركا وليس من أستراليا.
وكما قال الصديق طوني الشيخ: انتظرناهم من الشمال فجاءونا من الجنوب. أقول أنا: إنتظرناها من أستراليا فجاءت من أميركا.
ولكن، ماذا أقول.. وأنا أحد المسؤولين في الجامعة؟.. طبعاً: مقصّرين..
آن الأوان كي نعي قيمة الأدب ومساهمته في بناء الإنسان العربي لغةً وفكراً وحضارة. خاصّة وأننا، في هذه البلاد النائيّة البعيدة، بأمسّ الحاجة إلى الكلمة الواعية، لنثبت وجودنا في المجتمع الغربي كجالية راقية ومتحضّرة وفاعلة.
شربل الذي نذر نفسه للقلم، وللجيل الصّاعد، أعطى زخماً أدبيّاً وشعرياً وفكرياً، محوره الإنسان بغض النظر عن لونه ودينه وشكله، فامتلأت الصحف من نتاجه الشعري، ونحن في "البيرق" كان لنا نصيبنا الأكبر.
وبهذه المناسبة أهدي صديقي شربل هذين البيتين من الشعرشربل..
قبل الإماره مْقامك كبير
مش هلّق كبرت بِـ عيني
كانت إماره نصفها ليلى
صارت إماره كامله بعيني
الأديبة مي طبّاع، مؤلفة كتاب (شربل بعيني قصيدة غنّتها القصائد)، كانت كلمتها مطعّمة بالنثر البليغ والشعر المجنّح، فقالت: ما أجمله من لقاء لتكريم صديقنا شاعر المهجر الأستاذ شربل بعيني لفوزه بجائزة أمير الأدباء اللبنانيين في عالـم الإنتشار لعام 2000، من قبل المجلس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم ـ قارّة أميركا الشماليّة.وأعتبر هذا التكريم ليس لشربل فقط، وإنّما لكلّ صاحب قلـم حرّ نذر نفسه للكلمة.
رئيس تحرير مجلّة أميرة الأستاذ شوقي مسلماني ألقى قصيدة مستوحاة من روح شربل بعيني، فقال:
تَقُول
يَا بَحْرُ اتَّسِعْ أَيْضاً
لِلْمَعاوِلِ شَرَاراَتٌ
للشَّجَرِ نَسَائِمُ
وَللبَحْر قُدْسِيَّة
أجراسٌ،
أطفالٌ
فَرَحٌ
وَمَلائِكَةٌ
لِلْجُموع أَلاَّ يُمْسِكَها فَردٌ
لِلفردِ أَلاَّ تَطْغَى عَلَيْه الْجَماعة.
أمّا الشاعر فؤاد شريدي فقد هنّأ الشاعر شربل بعيني بالإمارة الأدبيّة، وألقى قصيدة عن الطفل الشهيد محمد الدرّة، جاء فيها:
محمد الدرّة أيّها الطفل
أيها الملك الذي بدمه تتوّج
يا عريساً يوم استشهاده تزوّج
المهندس رفيق غنّوم صاحب الحلقات الشهيرة (أجمل ما قيل بأدب شربل بعيني)، التي تنشرها البيرق كل يوم ثلاثاء فقد قال:
أريدُ أَنْ أَسْأَلَكُمْ سُؤالاً بِسِيطاً: لِمَاذَا تَنَادَيْتُمْ لِتَكِرِيمِ شَربل بعيني، لَوْ لَمْ يَكُنْ صَوْتُهُ صَوْتَكُمْ.. وَصَرْخَتُهُ صَرْخَتَكُمْ.. وَقَصَائِدُهُ قَصَائِدَكُمْ؟.. إِنَّهُ شَاعِرُ قَبِيلَتِكُمْ الإغْتِرَابِيَّةِ، كَيْ لا تَنْسَوْا جَريِرَوالْفَرَزْدَق.. إِنَّهُ إِبْنُ غُرْبَتِكُمْ، كَيْ لا تَنْسَوْا وَطَنَكُمْ الْمُفَدَّى.. إِنَّهُ إِبْنُ وَطَنِكُمْ، كَيْ يَبْقَى لَكُمْ الْوَطَن.. إِنَّهُ إِبْنُ لُبْنَان.. وَكَفَى.
ومن لبنان أرسل الدكتور عصام حداد صاحب معهد الأبجديّة في جبيل رسالة تهنئة لصديقه شربل بعيني، جاء فيها:
وَبِالْمُناسبَةِ، أَقْتَرِحُ على الدَّوْلَةِ أنْ تَخْتَرِعَ وِسَاماً تُسَمِّيهِ (وِسَامَ الإِغْتِرابِ اللبناني)، عَلَّها تُشَجِّعُ هَذا وَذاك لِيَحْمِلوا في أجسامِهِم دَماً نَقِياً للبنان، ويكونَ شَرْبِل أَوَّلَ حاملي هَذا الوِسَام.
سَلامُ اللـهِ عَلَيْكَ يا أخي شربل. بُورِكَتْ لَكَ الجائزةُ وهذا التقديرُ، وَهَذَا التَّكْرِيمُ الآتي مِنَ الْجَنُوبِ الْبَطَل، مِن رَابِطَة الْجَمْعِيَّات اللُّبْنَانِيَّة فِي السّانْت جُورْجْ، فَأَنْتَ كُنْتَ وَتَظَلُّ رَسُولَ لبنان.
كلمة مختار بلدة مجدليا الدائـم السيّد الياس أبي خطّار كانت مفعمة بالصدق، فلقد شكر بها الرابطة والجامعة والحضور باسم أبناء مجدليا في الوطن والمهجر، فقال:
فَلِلْمَجْلِسِ الْقَارِيّ ورئيسِهِ جُوزيف حايك شُكْرُ مِجْدَليَّا
ولرابِطَةِ الْجَمْعِيَّاتِ اللبنانيَّةِ فِي السَّانْت جُورْج مَحَبَّةُ مِجْدَليَّا
فَهَلْ مِنْ مُعَادَلَةٍ أَجْمَلُ مِنْ هَذِهِ الْمُعَادَلَةِ: أَلْمُغتربونَ اللبنانيّونَ فِي أميركا يُتَوِّجُون أَمِيراً لِلأَدَبِ مِنْ أستراليا. وَالْمُغْتَرِبُونَ الْجَنُوبِيُّونَ الشُّرَفَاءُ يُكَرِّمُونَ شَاعِراً شِماليّاً.. وأبناءُ الْجَالِيَةِ الْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ كَافَّةِ الْمَنَاطِقِ اللّبنانيّةِ وَالْبُلْدانِ الْعَرَبِيَّةِ يَجْتَمِعُونَ تَحْتَ سَقْفٍ وَاحِدٍ لِلْمُشَارَكَةِ بِهَذَا التَّكريمِ، فَهَلْ مِنْ وِحْدَةٍ وَطَنَيَّةٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ الْوِحْدَةِ؟.. وَهَلْ مِنْ تَضَامُنٍ أَخَوِيٍّ أَقْوَى مِنْ هَذَا التَّضَامُنِ؟
وبعد أن انتهى المختار المجدلاوي من إلقاء كلمته، طلب من زوجة الشاعر السيّدة ليلى الأيّوبي بعيني أن تتفضّل إلى المسرح، فأعلنت عن منح جائزة شربل بعيني لعام 2001 لرابطة جمعيّات السانت جورج، وللدكتور جوزيف حايك، فقالت:
أَوَدُّ أنْ أَضُمَّ صَوْتِي لصَوْتِكُمْ، لِنَشْكُرَ مَعاً رَابِطَةَ الْجَمْعِيَّاتِ اللُّبْنَانِيَّةِ فِي السَّانْت جُورْج، وَالْمَجْلِسَ الْقَارّيَّ لِلْجَامِعَةِ اللُّبْنَانِيَّةِ الثَّقَافِيّةِ فِي الْعَالَـمِ ـ قارة أَمِيرْكَا الشِّمَالِيَّةِ عَلَى هَذِهِ البَادِرَةِ الْمُفْعَمَةِ بِالأَصَالَةِ اللُّبْنَانِيَّةِ فِي دُنْيَا الإِغْتِرَابِ. لِذَلِكَ، بِاسْمِ أَهَالِي مِجْدَلَيَّا فِي الْوَطَنِ وَالْمَهْجَرِ، وَبِاسْمِ الدُكْتُور عِصَام حدَّاد وَمَعْهَد الأَبْجَدِيَّة فِي جُبَيْلْ.. وَبِاسْمِكُمْ جَمِيعاً نُعْلِنُ عَنْ مَنْحِ جَائِزَةِ شربل بعيني لعام 2001، للخدمات الإجتماعيّة والثقافيّة لرابطةِ الْجَمْعِيَّات اللبنانيّة في السانت جورج، يستلم الجائزةَ رئِيسُها الحاج خليل حْرَاجْلِي، وللأستاذ جوزيف حايك الرئيس القاري للجامعة اللبنانيّة الثقافيّة في العالـم. يستلم الجائزة نيابةً عنه الدكتور علي بزّي.
وفي الختام ألقى المحتفى به الشاعر شربل بعيني قصيدة رائعة ألهبت الأكف، ناجى بها القديس جرجس (سانت جورج)، وطالبه بتخليص لبنان من مصائبه، وبمؤازرة أطفال فلسطين الصغار، وقد نشرت البيرق هذه القصيدة في عدد الخميس الصادر في 15 شباط 2001، فاستبقت كعادتها الحدث.
ألف مبروك للشاعر شربل بعيني بالإمارة وبعيده الذهبيّ، وأعترف هنا، أمام القرّاء، أن احتفال تكريم الشاعر بعيني من قبل رابطة الجمعيّات اللبنانيّة في السانت سيبقى الحدث الأدبي الأجمل في تاريخ الجالية.
فألف شكر لكل من خطّط للحدث، لأنه رمانا جميعاً في أحضان التاريخ. ومن يعش يرَ.
**
شربل بعيني.. مبروك يا أمير
أتته كالحلم.. لـم يكن يعتقد أن بإمكان الريح الإغترابيّة استبدال العويل بالفرح والزغاريد. وأن بإمكان الانتظار الرمادي تصدير بنفسجه إلى العالـم.
لقد انكسرت قامته من كثرة العطاء، ولـم ينكسر قلمه. يراعه ظلّ شامخاً، لـم تتآكل حروفه، ولـم يشحّ عطاؤه.. إنه النائـم اليقظان في غربة مستبّدة، متى دخلتها تمسّكت بك واستعبدتك، ولكنه لـم ييأس، وكيف ييأس والتوق يشده إلى وطنه المسلوب الإرادة.. إلى أرزه المكفهّر الجبين.
أتته، على حين غرّة، لأن من أعطى الغربة سني عمره، وأجمل أدبه، ستعطيه الجامعة اللبنانية الثقافيّة في العالـم ما هو جدير به: إمارة الأدب.
قد يكون شربل بعيني ضد الزّعامات والملوك والأمراء، قد يكون ضد الألقاب، ضد التمييز وضد التشاوف، فمن زرع الأخلاق السامية في عقول الأجيال الإغترابية الصاعدة، يكره كل ما يسيء للآخرين.. وكل ما تمجّه الأخلاق. ولكن لقب أمير، منذ أحمد شوقي، وانتهاء بالأخطل الصغير، قد أرثى القواعد الصحيحة لأدب صحيح، أقل ما يقال فيه إنه صادق.
على الصفحة الأولى، رسمت البيرق بيرقاً جديداً أهدتنا إيّاه، بيرقاً أدبياً رفرف في غربتنا لأكثر من ثلاثين سنة ولـم يتعب، ولـم تتغيّر ألوانه، كما تتغيّر سحنات البعض كل لحظة.
البيرق علّمتنا أن نحترم بعضنا البعض، وأن نشجّع مبدعينا، وأن أخبارنا الإغترابية أهـم بكثير من مئات الأخبار التي تنشر باجترار مقرف.
خبر إمارة شاعر الغربة الطويلة شربل بعيني على الصفحة الأولى، هذا أقل ما يطلبه المغتربون من إعلام يدفعون ثـمنه من عرق جبينهم.
البيرق.. عرفت كيف تعطينا حقّنا.. فألف شكر لها.
كتابات شربل بعيني ليست منزلة، قد يشوبها الكثير من السقطات الأدبيّة، وهذا ما يعترف به الشاعر نفسه. ولكن المجنون وحده من يسأل النهر الغزير المياه عن طحالب علقت بمياهه.
فشربل بعيني شاعر غزير العطاء، كتب بالفصحى والعاميّة، بالنثر والشعر، ونشر العشرات من الكتب الأدبية والمدرسيّة، ووزع جائزة تحمل اسمه، كنت أنا من أوائل الحاصلين عليها بفخر لا يوصف.
كما أنه ساهم بنشر الكثير من مؤلفات الآخرين، حباً بأدبنا الإغترابي، ومساهمة منه في نشره. فكيف لا نفرح بانتخابه أول أمير أدبي في عالـم الانتشار؟
كيف لا نفرح بالتفاتة شكر أتتنا من الخارج بواسطة أدب شربل بعيني الساكن بيننا، المتنقّل بيننا، والعامل معنا؟.
من ناحيتي.. أنا مسرور للغاية، فلتقرع طبول الفرح في جاليتي، لقد كانت من نصيبنا إمارة الأدب.
منذ مدة طويلة، وأنا أفكّر بطريقة مبتكرة، تقدر أن تنقل للعالـم أجمع أدب شربل بعيني دون أدنى ارتباك. الإنترنت سيكون الوسيلة، ولكنني أريد التنفيذ أن يكون خارقاً، تكريماً لمن كرّمنا في غربتنا.
أليس هو القائل: القلـم الذي يكرّم يكرّم، والقلم الذي يشتم يشتم؟
شربل بعيني.. مبروك يا أمير
**